إضاءة حول الرواية: ملحمة الحب والحرب
1 الحدث/ القصة :تتكون الرواية من 95 ص من الحجم المتوسط ( ط 1 اكتوبر 2013عن مطبعة البيضاوي الرباط ) استهلها الراوي بالحديث عن الصبية "لالة زينة" المتميزة عن ندائدهافي الحي بجمال خارق وذكاءحاد ،فانكبت عليهاالأنظار من كل جهة فتضايقا الأبوان من عيون الجيران المشحونة بالغيرة ،فاشتريا فدانابعيدا تحيط به الغابة والنهر والمروج ،ولايجاوره إلا بيت العم خالد .لم تجد الصبية من يؤنسها هناك إلا ابن عمها "صخر"فتربيا على تبادل الحكي والاخبار،إذ صارت تتحفه كل مساء بحكاية مروية عن أمها تفبض بالخيال العجيب ..في المقابل كان صخر يمدها بالأخبار المختلفة التي يسمعها من الرعاة وينهيها بالحديث عن بطولاته اليومية ذات الصلة بالفروسية والصيد ...
توطدت العلاقة بينهما وتطورت مودتهما وانصهرت في إكليل من الوجد والكلف وانتهت بالتواعد بالزواج ...
شاءت الأقدار السيئة أن استجار القبيلة غرباء أنهكهم القحط والجفاف، بيد انهم بعد مدة تطاولوا على حرمتها و تجرؤا على احتلال بعض مراعيها وبعض منابيعها ،مما دفع بأسياد القبيلة إلي استنفار سواعدها للتصدي لانياب الغدر ،فتم انتقاء الشجعان والبواسل من مختلف جهاتها فوقع الاختيار على صخر وهو في أوج شبابه، فانضم إلى فيلق المدافعين بلا تردد ...ترأس كتيبة حربية وابلى بلاء حسنا..و تمكن بدهائه من حسم المعركة الاخيرة ضد الغرباء بعد أشهر من الحصار، فاقتحم عرينهم المحصن في آخر ليلة داجية ونال على إثر ذلك مرتبة عالية في صف اشاوش القبيلة ...
خلال مدة غيابه عن أهله انتهز عدو آخر فرصة بعد ه عن لالة زينة كان يقيم بمعسكر بجوف غابة منيعة غير بعيدة . كان مؤازرا بعصلبة من الأتباع كانوا يوفرون له الاخبارحول تطور أحداث القبيلة ومستجداتها، فلم يرض على وجو د من ينافسه في السيطرة على تلك الجهة ،لذلك قرر الانتقام من صخر وهزمه عاطفيا باختطاف حبيبة قلبه ، لقد نصب لها كمينا واختطفها قبل أن تضع الحرب أوزارها ...
لما عاد مزهوا بالانتصارات والأوسمة ومتلهفا لملاقاة ابنة عمه تفاجا بغيابها ، واتفقا أبويهاعلى إخباره بوفاتها خشية على حياته من مخاطر الخاطف "الغول" و بعد ثلاثة أيام من ا لبكاء والتحسر فوق قبرها توصل إلى حقيقة اختطائها فعزم على خوض حرب جديدة ضد المارد ،استجمع على التو رفاقه وتاهب لاقتحام الغابة المهيبة لملاحقة طيف لالة زينة ...
خلال مدة الأسر تمكنت بفضل دهائها من استمالة الغول إليها ريثما تنفك من عقاله وقيوده ، فتبوأت مكانة رفيعة بين الأسيرات والأسرى...
خاض صخر حربا حقيقية حتى وصل إلى معسكر الغول وحرر حبيبة قلبه وكل الاسرى المتواجدين بداخله ونال على إثر تلك المعركة الليلية مرتبة عالية أصبح على إثرها زعيما للقبيلة، كان تتويجه في حفل عظيم ،ختم بزواجه من لالة زينة كعربون على انتصار الصدق والوفاء وكبرهان على انتصار الحب .
2 المرجعيات التي تنطلق منها الرواية : تتغدى الرواية من رافدين متجذرين في اعماق التراث المغربي هما :
أ-أسطورة" هينة والغول" المثيرة بالخيال العجائبي المتدفق تلك الأسطورة التي استمتعنا بها في الطفولة ووسعت أفق مخيلاتنا ، بعد اختطاف هينة سيغامر يوسف من كدية إلى كدية وكل واحدة تتلون من الاصفرار إلى الاحمرار إلى الاخضرار حتى يعثر عليها ويفران معا من المغارة ...
ب- حدث تاريخي يجمع بين الواقعية الدرامية الأليمة والنزعة الصوفية .وتتمثل في ظاهرة "هداوة " التي استشرت بالمغرب في عهد السيبة كان هؤلاء على شكل عصابة منظمة الـتـفوا بضريح الولي الصالح سيدي هدي دفين بقرية تزروت سنة 1919 قرب جبل العلم بشمال المغرب، وكانوا ينطلقون من هناك لابتزاز الناس وإرعاب أطفالهم واختطاف نسائهم من القرى المختلفة ...
عمل الكاتب على التوليف بين هذين المصدرين من التراث المغربي وخرج بهذا العمل الفني المشوق والمتعدد الأبعاد على رأسها البعد النفسي المتمثل في الغوص في النفس البشرية واستجلاء مكنوناتها وانتصاره للقيم الإنسانية النبيلة كالصدق والمحبة والوفاء و الإيثار ...والتحدي والثبات على المبدأ
أما البعد الاجتماعي فيتمثل في تعرية حقبة تاريخية سوداء من تاريخ المغرب أيام السيبة التي شاعت فيها الفوضى .لم تتوقف إلا بحراك جيش التحرير.
منالناحية الفنية :إن حجم الرواية المتوسط جاء في سياق رغبة القارئ المعاصر الذي يميل إلى قراءة الأعمال الأدبية غير الطويلة وبالتالي فإنها خضعت لخطاطة سردية تتماشى مع بناء الرواية والقصة التى حددها" موباسان" :البداية-الخلل- العقدة-الحل-النهاية
البناء : جاءت الرواية على شكل لوحات 5 لوحات /مقاطع تفيض بالوصف والحركة التي تمسك بالحواس كما لاتخلو من حوارية لانماط من الخطابات الأدبية منها التراث الأسطوري –فن الخطابة (الخطاب السياسي ،كخطبة زعيم القبيلة )
توظيف الرسوم اليدوية -شعرية الرواية من خلال توظيف لغة بلاغية تمتح من مختلف انواع المجاز.